جمانة حداد
إسمي يارا وأنا مثلية.
مثلية، نعم. وعَ راس السطح. بسّ معظمكن بيقولوا عني "شاذة". يا ريت بتفهّموني شاذة ع شو؟ ع أيّا قانون؟ ع أيّا قاعدة؟
سمعوني منيح قبل ما تبلشوا تحلّلوا، وتعملولي فيا فرويد: مش صاير معي صدمة أنا وزغيرة: ما حدا داقق فيي، وما بكره بيّي. ومنّي معقّدة من الرجال. طفولتي كانت سعيدة. وكلّو تمام. يعني مختصر مفيد: أنا "نورمال". أكتر منّي إنسانة طبيعية ما رح تلاقوا. مش إنّو بحبّ البنات لأنّي هربانة من الرجال.
ولا بحبّ البنات لأنو حدا نزعلي اخلاقي. بحبّن لأني بحبّن. نقطة ع السطر. ع شو بتضلّوا تفتشوا ع تبريرات؟ إمتين رح تفهموا إنّو هيدا منّو خلل نفسي ولا جنسي ولا عضوي؟ بعرف إنّو الحياة أحياناً بتدفش البعض يصيروا مثليين بسبب شي صار معن وعملّن خلل، بس هودي ما بيطلعوا عشرة بالمية. الباقيين هيدي طبيعتن. هيدي ميولن الفطرية. بيخلقوا هيك من بين فخاد أمّن. حاجي تعمّموا بقا. منّي مثلية نكاية فيكن ولا نكاية بحدا. ومش إذا نمت مع "رجّال حقيقي" بشفى. هيدا الشي منّو مرض، ولا موقف، ولا قرار، ولا إعلان تحدّي، ولا قرن بوظة طالع ع بالي. هيدا الشي حقيقتي. وموجود من وقت ما انوجد الإنسان. إنّو فكركن مبسوطة يتطلعوا فيي بالورب لما يستوعبوا أنا شو؟ أو لمّا إسمعن عم يقولوا براسن عني "يا حرام"؟ فكركن مبسوطة إنّو بعدني مش مسترجايي خبّر إمي وبيي لما إجلطن؟ ما في غير إختي الكبيرة عرفت، ومن وقتا مش طايقتني. اضطريت خبّرا لأنّو هلكت ربّي هيّي وتعرفني ع رفقات جوزا. هيدا عريس لقطة، وهيداك بيعيّشِك ملكة... إي أنا ما بحسّ حالي ملكة إلا لما إتكي راسي ع صدر صاحبتي وتغمرني وتشدّ...
ولا بحبّ البنات لأنو حدا نزعلي اخلاقي. بحبّن لأني بحبّن. نقطة ع السطر. ع شو بتضلّوا تفتشوا ع تبريرات؟ إمتين رح تفهموا إنّو هيدا منّو خلل نفسي ولا جنسي ولا عضوي؟ بعرف إنّو الحياة أحياناً بتدفش البعض يصيروا مثليين بسبب شي صار معن وعملّن خلل، بس هودي ما بيطلعوا عشرة بالمية. الباقيين هيدي طبيعتن. هيدي ميولن الفطرية. بيخلقوا هيك من بين فخاد أمّن. حاجي تعمّموا بقا. منّي مثلية نكاية فيكن ولا نكاية بحدا. ومش إذا نمت مع "رجّال حقيقي" بشفى. هيدا الشي منّو مرض، ولا موقف، ولا قرار، ولا إعلان تحدّي، ولا قرن بوظة طالع ع بالي. هيدا الشي حقيقتي. وموجود من وقت ما انوجد الإنسان. إنّو فكركن مبسوطة يتطلعوا فيي بالورب لما يستوعبوا أنا شو؟ أو لمّا إسمعن عم يقولوا براسن عني "يا حرام"؟ فكركن مبسوطة إنّو بعدني مش مسترجايي خبّر إمي وبيي لما إجلطن؟ ما في غير إختي الكبيرة عرفت، ومن وقتا مش طايقتني. اضطريت خبّرا لأنّو هلكت ربّي هيّي وتعرفني ع رفقات جوزا. هيدا عريس لقطة، وهيداك بيعيّشِك ملكة... إي أنا ما بحسّ حالي ملكة إلا لما إتكي راسي ع صدر صاحبتي وتغمرني وتشدّ...
بعرف شو عم يدور براسكن هلّق: ما إنتو الرجال كلكن متل بعضكن. بتتهيّجوا ع منظر بنتين سوا وما بتتحملوا فكرة شبّين يبوسوا بعضن. وحتى لو تحملتوا المشهد، أو لقيتوه بيهيّج، ما بتعترفوا بهالشي ولو ع قطع راسكن. أوعا حدا يشكّك برجوليتكن المقدّسة! بتهينوا وبتتمسخروا وبتسبّوا، أو بتتجاهلوا وبتشفقوا بأحسن الحالات.
ع فكرة، منّي مستقواية ولا مسترجلة ولا شي من كل هالجوارير يلّي مصفوفة بروسكن. بتفكروا إنّو المرا المثلية دكر ومش ناقصا إلا قضيب. لمعلوماتكن في مثليات كتير عندن أنوثة أكتر من كل النسوان يلّي نايمين معن بحياتكن. وحتى يلّي بتشوفوهن "مسترجلين" ع قولكن، بيقدّروا الأنوثة أكتر من كلّ شي في رجال ع هالأرض. حاج تلزّقوا إتيكيتات لترتاحوا: هيدي شعرا قصير وما بتلبس إلا بناطلين، يعني "سحاقية". وهيداك ناعم وبيحكي متل البنات، يعني "طبجي". تفه عليكن وع هالكلمات والتعميمات. أنا بحبّ المرا. بحبّ راس المرا. بحبّ جسم المرا. بحبّ قلب المرا. بحبّ حالي فيا وبحبّ حالا فيي. سمّوها نرجسية إذا بدكن. لمّا ببوس شفافا بحسّ عم بوس شفافي. لما بمرّق صابيعي بين شعراتا برجف متل الورقة لأنّي بتخيّل عم مشّط شعر البنت يلّي مش رح خلّفا. لمّا بحطّ إيدي أو لساني بين فخادا بحسّ عم برجع ع بيتي. Home Sweet Home. لمّا بحكي معا ما في ضرورة فسّر، واعتل همّ تفهمني غلط. شفتولكن شي نهر ما بيفهم ع النبع يلّي عم يدوب فيه؟ هيي أمي وأختي وصديقتي وعشيقتي وإلهتي. هيي كلّ شي ناقص فيي وما بيكتمل إلا برفقتا وفيا. ليش المفروض إجبر حالي ع شي ما بيشبهني؟ لتتطمّنوا؟ هيدي مشكلتكن مش مشكلتي. عالجوا حالكن بدل ما تعالجوني. لإرضي الله ونواميسو؟ إي أنا بتصافى مع الله لوحدي، إنتو ما تتحشّروا بيناتنا. أصلاً كلّكن جبنا، إنتو والـ الله يلّي بتتحجّجوا فيه. لحتّى إقدر إتجوّز وجيب ولاد؟ مش فرقانة معي. لحتّى ما جرّص أهلي بين الجيران والقرايب؟ ليش بدّي أنا إدفع تمن جبنن؟ ليش؟؟؟ شو خصّكن فيّي؟ شو خصّكن فينا؟ بشو عم نئذيكن أو نزعجكن؟ حتى وجودنا بتعتبروه إهانة أو جريمة أو إعتداء عليكن. والعلة إنّو ما في أشطر منكن لمّا بدكن تحكوا عن حقوق الانسان والتسامح وإحترام الإختلاف وكلّ هالكلام يلّي بيريّحلكن ضميركن ومنّو إلاّ حكي فاضي... حتى يلّي بيدافعوا عن حقوق المثليين - لإنّا قضية ع الموضة يخزي العين - نصّن إذا مش أكتر بيصير معن سكتة قلبية إذا اكتشفوا إنّو حدا من ولادن "هيك". يا ويلي ملاّ مساطر شفت بحياتي: في يلّي بيكرهوني قشّة لفة. بيكرهوني بس لأنّي مش متلن. أو لأنن مرعوبين يكونوا متلي وما بدّن يعترفوا بهالشي. وفي النسوان يلّي بيخافوا منّي: كأني رح نط علين واغتصبن. إنّو بالنسبة إلن كلّ مثلي مشروع منحرف جنسياً. في كمان يلّي بيدعولي "إشفى" مع إني مش أنا المريضة. هيدا المجتمع مريض. ظالم. كذّاب. خبيث. وفي يلّي بكلّ عين وقحة بينصحوني "غيّر" وبيقولولي إنو بدّن "مصلحتي". يروحوا يشوفوا مصالحن ويتركوني بحالي. بدّي عيش. بدّي إتنفس. بدّي حبّ ع ذوقي مش ع ذوقكن.
بعدين مين قال إنّو حبكنّ شرعي أكتر من حبّي؟ مين قرّر؟ مين حكم؟ من زمان كان الحكم للملكات. حتى الله كان مرا وكانت البشرية كلا تسجد ع شفاف فَرْجا. وكانت الدنيا بألف خير. ضلّيتوا تشتغلوا وتتآمروا تعملتوا رجّال. قتلتوا كل الآلهة وخلّيتوا الله واحد، مش وحدة. وصرتوا تتفننوا لتتحكّموا فينا. عمّرتوا قفاص وحطّيتونا وحطيتوا حالكن فين. كلّنا آكلين الضرب وع قلوبنا متل العسل. غنم وماشيين. سمك بـ أكواريوم. مزروبين بصندوق الفرجة، عم نمثّل حياة مش إلنا، والنيكة إنّو ما حدا عم يتفرّج علينا ويزقّفلنا. بتعرفوا ليه ما حدا عم يتفرّج؟ لأنّو ما في حدا برّات هالصندوق أصلاً! نحنا السجّان والمسجون! قفصنا مبيّن وقفصكن مخفي. هيدا الفرق الوحيد. نحنا عارفين نسمّيه وإنتو ما بدكن تسمّوه. بتخافوا إذا سمّيتوه يصير حقيقي. بس هوّي حقيقي شو ما عملتوا وكيف ما جرّبتوا تغمّضوا عيونكن وتنكروا وجودو. أنا بالقفص. إنتو بالقفص. كلنا بالقفص. عدّوا معي: قفص الدين. قفص الجنس. قفص السياسة. قفص المصاري. قفص الحبّ. قفص التقاليد. قفص الكذب. قفص الخوف. قفص العيب. قفص اللغة. قفص الطمع. قفص تطليعات الناس. قفص العمر. قفص الجمال. قفص الغرور. قفص المظاهر. قفص الضعف. قفص القوة. قفص الوحدة. قفص السلطة...
قفاص جوّاتها قفاص وراها قفاص ما بتخلص، مصفوفة بين الرحم والتابوت...
ما حلّنا نطلع منّا بقى؟
* مقتطف من "قفص"، إصدار دار "نوفل"